الميثاق نت -

الأحد, 27-أبريل-2025
عبد السلام الدباء* -
رغم التقدم التكنولوجي العالمي، لا تزال الجمهورية اليمنية تعاني من غياب إحصائية دقيقة لعدد سكانها، لتكون بذلك الدولة الوحيدة التي تجهل هذا الرقم الحيوي ولا تستفيد منه في تحقيق التنمية وفي تحسين حياة الناس اليومية.
هذا الواقع الصادم يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية: كيف يمكن لدولة أن تخطط لمستقبلها، وتقدم خدماتها، وتوزع مواردها بعدالة، دون أن تعرف كم عدد سكانها وأين يعيشون على مساحة ترابها الوطني؟
في ظل تعقيدات الأوضاع الأمنية والسياسية التي تعيشها اليمن منذ سنوات، قد تبدو هذه المعضلة مفهومة من وجهة نظر سطحية، لكن الحقيقة أن التكنولوجيا اليوم قد وفرت حلولاً فعالة لا تتطلب بالضرورة استقراراً كاملاً، بل إرادة جادة وخططاً استراتيجية.
يمكن للحكومة اليمنية - ببساطة - أن تطور تطبيقاً وطنياً رسمياً مرتبطاً بالجهاز المركزي للإحصاء، تُلزم فيه كل الأسر اليمنية بتسجيل بيانات أفرادها، بما يشمل مكان السكن الحالي والسابق، وعدد الأبناء، والوضع المهني، وحالة الهجرة أو الاغتراب، وغيرها من التفاصيل السكانية المفيدة.
عبر هذا التطبيق، يصبح بالإمكان جعل الديموجرافيا الوطنية غير مجهولة من خلال معرفة عدد السكان في أي لحظة، وتسجيل الولادات والوفيات بشكل مباشر، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية متكاملة تخدم جميع مؤسسات الدولة.
ولضمان فعالية هذا النظام، يمكن ربطه إلكترونياً بمختلف الوزارات ذات العلاقة، كوزارات الصحة، والتربية والتعليم، والداخلية، والتخطيط، والخدمة المدنية، والمياه والبيئة، والشباب والرياضة، وغيرها من وزارات ومؤسسات الدولة.
هذا الربط سيمكن الدولة من معرفة التوزيع الديموغرافي للسكان باليمن بدقة وستتمكن الدولة من معرفة عدد الطلاب، وحجم القوى العاملة، والمناطق الأكثر احتياجاً للخدمات، وحتى مؤشرات التنمية، في وقت قياسي وبتكاليف أقل.
إن العالم من حولنا اليوم يمتلك قواعد بيانات دقيقة لكل شيء.. سواء السكان، او المدارس، المستشفيات، الإنتاج، الاستهلاك، الأراضي، والموارد، التجارة، التصنيع.. وغيرها، وفي ظل هذه المعطيات، يصبح من غير المقبول أن تبقى اليمن بعيدة عن هذا الركب، خاصة في عصر الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.
ورغم ما تعيشه اليمن من ظروف استثنائية، إلا أن التكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعي قد وفرت الكثير من الوقت والجهد، وجعلت من السهولة العمل بكل ما هو متاح من تقنيات وموارد، في سبيل منح البلاد فرصة لإعادة البناء، والتخطيط العلمي، والنهوض التدريجي نحو المستقبل.
إن الإحصاء ولغة الأرقام في أي بلد ليست امراً ترفيا بل انها ضرورة مفصلية في عملية التطور والتنمية ، فعندما تعرف الدولة من هم مواطنوها وأين هم، وماهي احتياجاتهم؟! يمكنها ببساطة أن تبدأ في تلبية احتياجاتهم وتحقيق التنمية المنشودة..
وحتى إن كانت أولوية الاحتياجات في الوقت الراهن باليمن تتمحور حول تحقيق السلام وتوفير الأمن والاستقرار وبسط سيادة الدولة على كامل التراب الوطني.. الخ .. إلا أن هذه الأمور كلها لا تستغني عن مختلف الأرقام الإحصائية السكانية، ولا تبرر ان تبقى اليمن في زاوية الرقم المفقود والديموجرافيا المجهولة.
*مستشار وزارة الشباب والرياضة اليمنية
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 28-أبريل-2025 الساعة: 01:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-67359.htm