د. عبدالوهاب الروحاني - بنى مهاتير محمد ماليزيا في 24 سنة من تولّيه السلطة اعتماداً على تخطيط ورؤية اقتصادية أعلنها في العام 1991م، سمَّاها "رؤية ماليزيا 2020م"، عمل على هذه الرؤية بفريق عمل وطني ونزيه خلال عقدين من الزمن فقط، نقل بها ماليزيا من بلد فقير يعيش شعبه في الأحراش والغابات إلى دولة صناعية متقدمة، بلغ مستوى النمو فيها أعلى مستوياته..
عند زيارته لصنعاء في أغسطس 2001م رُتبت لمهاتير محمد محاضرة في نادي ضباط الشرطة، كان أعضاء حكومة باجمال الأولى (وكنت عضواً فيها) معنيين بحضورها، وحضرتها لأستمع بشغف واهتمام لتجربة هذا الساحر الآسيوي العملاق، حفظت عنه حينها قوله: "لا يمكن لأي بلد أن يبني دون تعليم وأمن ومحاسبة"..
التعليم حجر الزاوية، والأمن الشخصي والمجتمعي يخلق البيئة المناسبة لتطبيق النظام وتفعيل المحاسبة.. بمعنى أننا معنيون بأن ندرك أن بناء المجتمعات يبدأ من حيث نقف، من حيث نسكن ونعيش.. من حيث نشعر بالآخرين من حولنا..
مهاتير محمد تبنَّى قاعدة "أمننا من أمن جيراننا"، ومن هذه الحيثية أتذكر قوله "لا يمكن للمرء ان يعيش في بيته آمناً ومستقراً بينما يحيط به جيران جوعى.."، وهنا لم يكن يدعو لإنشاء مجتمع خيري، وإنما لإنشاء شراكة مجتمعية في العمل والإنتاج..
تلك هي معايير قصة النجاح المذهلة التي حققها مهاتير محمد لبلده فحوَّل بلده من بلد زراعي ريعي فقير إلى دولة صناعية متقدمة، وأصبح هو رائداً للنهضة الماليزية المعاصرة..
خرج با جمال (رئيس الوزراء حينها - رحمه الله) من المحاضرة وأطلق قولته الشهيرة "الفساد ملح التنمية".. أي ما فيش تنمية بدون فساد، أما الأستاذ محمد سالم باسندوة (رعاه الله) فكان وهو رئيس حكومة ما بعد صالح (2012 - 2014م) يظهر أمام عدسات التلفزيون وهو يبكي حزناً على حال اليمن، ويعد ويحلم بتحويله "في ظل التغيير" إلى ماليزيا جنوب الجزيرة العربية، بينما هو يصدر أوامره بإعفاء شركات ومؤسسات متنفذين من ضرائب متراكمة عليهم بالمليارات، ويوقع قرارات تعيين في أجهزة الدولة وفقاً لمعايير حزبية وليس لمعايير الوطن والكفاءة..
|