فيصل قيرمان - ونحن في شهر مايو الذي تحقَّق فيه حلم الأجيال وحدة الأرض والإنسان عيد الأعياد 22 مايو 1990م، هل لا تزال الأمة تطمح بوحدة الوطن الكبير؟
في السياسة الإعلامية للدول العربية بما في ذلك الخطاب السياسي، غاب مصطلح "الوطن العربي الكبير" الذي لم نعد نسمعه من أي حنجرة مؤثرة أو من أي إذاعة أو قناة تلفزيونية واستُبدل بـ "الشرق الأوسط الجديد" حُباً في"إسرائيل" وحتى لا يبقى في أذهان الشباب العربي ما يربطه بشيء اسمه الوحدة العربية التي طالما سعينا إليها وتغنَّينا بها.. ولعل في الأغنية الوطنية الحماسية "وطني حبيبي الوطن الأكبر" التي غناها عمالقة الفن في الستينيات ما يجعلنا نتأمل فارق الطموح في مستقبل الأمة بين الأمس واليوم..
لقد تم تغييب صوت الشارع العربي وحُيّدت العقول التي ما زال بها شيء من نبض القومية وحنين الوحدة العربية؛ وتُرِكت المساحات الإعلامية لتتبنى وجهة نظر الحكومات والأنظمة المنجرة مع قوى الخارج والمتقاعسة عن كل ما يدعو لوحدة الصف العربي، بل لقد هرول البعض نحو التطبيع سعياً منه لإدخال "إسرائيل" في اقتصاديات المنطقة العربية، والإجهاز على قضية العرب الأولى فلسطين..
ففي الشأن المحلي وسلطة الأمر الواقع صنعاء التي يُحسَب لها مواجهة أمريكا في البحر الأحمر ومهاجمة المحتل الإسرائيلي بالصواريخ المُجنَّحة والطائرات المُسيَّرة نصرةً لأهلنا في قطاع غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة جماعية وتنكيل وتشريد وحصار وتجويع، إلا أن الإعلام الحكومي وكمؤشر غيَّب الأغاني الحماسية التي تيقظ المشاعر الوطنية واستبدلها بالزوامل الشعبية التي احتلت مساحات واسعة في الخارطة الإعلامية للجمهورية والتي كانت مبررة بداية تولي السلطة كنوع من التعبئة العامة، أما أن تستمر فالأمر يتطلب مراجعة السياسة الإعلامية؛ فقد كان يُفترَض وجود توازن يراعي التنوع المجتمعي على الأقل.. كذلك غابت البرامج الحوارية التي تتناول تاريخنا المعاصر، فرغم إخفاقاته إلا أنه لا يخلو من إنجازات عملاقة كثورة 26 سبتمبر 1962م وثورة 14 أكتوبر 1963م، والوحدة اليمنية المباركة التي حققها الشعب بعد نضال مرير في 22 مايو 1990م كأهم منجز على المستوى العربي وأسمى هدف وطني، والذي سنحتفل بعد أيام بالعيد الخامس والثلاثين لقيامها، وإنْ كان في ظل أجواء ملبدة بغبار الفرقة وعواصف الانقسامات والتدخلات التي أدت إلى العدوان والحرب والتكالب الإقليمي والدولي الذي بات يهدد المنجز الذي قد يذهب بالوطن إلى التمزق والانحدار خصوصاً في ظل عدم مبالاة القوى المتناحرة وعلى رأسها أحزاب اللقاء المشترك التي ينطبق على خطابها المخادع قول الشاعر محمد شائف الخالدي:
قلبي مع الوحدة وعقلي ضدها
من با يوحد بين فكري والضمير
خايف على الوحدة وخايف منها
أخاف أزرع بر ويطلع لي شعير
|